شنودة وعياله الغجر
شنودة وعياله الغجر
من قبل، كنت أسأل نفسي سؤالاً تقول كلماته: إلى أين يريد غجر المهجر الذهاب بمصر؟، فلما توحدت مصالح غجر المهجر مع غجر الداخل، واستشعر غجر الداخل دفء دولارات غجر المهجر، أصبح سؤالي لا محل له من الاستفهام.فلما أصبح كبير الكنيسة المصرية هو الآخر شريك في اللعبة، وارتبكت حسابات أموال الكنيسة بسبب التدفق المفاجيء للهدايا والعشور والتبرعات والهبات، وانشقت الأرض عن قصور تـُبنى، ومصانع تنشأ، وبيوت كانت من الصفيح أصبحت كنائسها تعانق مناراتها السماء، واغتصاب للأرض، ومتاجر وعمارات ومطابع وصحف، ومنشورات توزع في الطرقات، وكتب فاسدة توزع في المدارس والجامعات، وأجراس تدق صباح مساء، مع سيمفونية كاذبة من النحيب والبكاء على ما يكفي للتأثير على قلوب المغفلين من المسلمين والآكلين على موائدهم مرة كل عام، والمطبلين لحسابهم في وسائل الإعلام، والمنافقين المتخاذلين المشركين في خوفهم من الله غضب الصهاينة الأمريكان، والأجهزة الحاكمة التي تستشعر أن مجرمي وكفار لجان الحرية الدينية الآتين من عند الرب بوش، سوف يمنعون عن مصر هطول الأمطار وإنبات الزروع وإدرار الضروع وقطع أرزاق العباد في مشارق ومغارب البلاد.أقول إنه لما أصبح الحال هكذا، واستأسد المخنثون الرعاع، وأصبح خصيان الذكور والعقول، يعلو صوتهم فوق أصوات الرجال، كان حتماً أن نرفض هذا الخلل الطارئ على تاريخ الأمة، وأن نتكلم ولا نكف عن الكلام باعتباره أمضى سلاح متاح، إذ حقاً كما قال أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي: (لم يعد الصمت ممكناً).ولا يحسب أحد من الغجر وأعوانهم أنه سوف يلجمنا باللعب طويلاً بورقة الفتنة الطائفية، ففي ظل العولمة ليس هناك كبير على النقد، وفي ظل الكوكبية لم يعد لأحد سلطان على أحد، وبما أراد أهل الصليب أن يطعنوا به الإسلام تحت دعاوى حقوق الإنسان، هاهو السيف يرد إلى نحورهم، وأقول بلا خوف ولا وجل: يا أيها الأنبا شنودة إني أكرهك أكرهك أكرهك.أكرهك لأنك تحارب ديني رغبة جامحة منك في رفع راية الصليب.وأكرهك الثانية لأنك شريك ضليع في صناعة الفتن الداخلية في مصرنا الحبيب، بصمتك على عيالك المفسدين في الأرض والسماء، ولو كنت صادقاً في حبك لمصر، لأصدرت لأجل مصر في حق كل فاجر منهم قرار حرمان من الكنيسة ومن الملكوت، كالتي أصدرتها من قبل في حق عشرات القسس والكهنة ثأراً لنفسك لما تجرأوا على بعض معتقداتك الدينية وارتأوا فيها غير ما رأيت.وأكرهك الثالثة لأنك وضعت يدك في أيدي الصليبيين والماسون وأصبحت من زعمائهم في منظمات الكنائس العالمية المشبوهة والتي كان محظوراً من قبل دخولها إلى مصر ودخلت على يديك.واعلم أني يانيافة الأنبا لم أكن مخدوعاً بتصريحاتك المعسولة أنك لن تدخل أرض فلسطين إلا ويدك في يد المسلمين، لأني أعرف حقيقة الأمر المتعلق بدير السلطان، عندما خذلك اليهود الصهاينة وأنزلوا من مقامك عندما رفضوا رفضاً باتاً، كل مساعيك ووساطتك الخفية والمعلنة، لاسترداد الدير الذي نزعوه غصباً منكم، كما غصبت أرض فلسطين من أهلها، وأعطوه لخصومكم القدريين على مدى الدهور، وهم الأرثوذكس الأحباش، كما أعطيت فلسطين لخصومنا القدريين على مدى الدهور، وهم اليهود، بل وزادوا عليك إثارة الفتن الدائمة بينك وبين الأحباش، فكلما دنوت منهم شبراً بعدوا عنك ذراعاً، وكلما دنوت منهم ذراعاً بعدوا عنك باعاً.إنه العدل الإلهي الذي يلاحق الكنيسة المصرية كلما طغت وبغت على المسلمين، الذين أنت تعرف بيقين أن عدلهم بسلطان الله لا يدانيه عدل إخوانك الغاضبين عليك في روسيا منذ ولدت كنيستك، ولا يدانيه عدل إخوانك الأمريكان، الذين أنت تعرف أن معتقدكم الأرثوذكسي شوكة في حلوقهم، ولن تهدأ ثائرتهم إلا بالخلاص منكم بحسب أحلامهم ونبوءاتهم لو تمكنوا منكم، وأحسبكم ممن يجيدون قراءة التاريخ، وتعلم أنه ما كان للبروتستانتية ولا الإنجيلية ولا الكاثوليكية وجود في مصر إلا من أبناء شعبك، حتى أنكم كنتم تصفونهم بنص كتابي عندكم هو: الذئاب الخاطفة، وأظنكم مازلتم تسمونهم هكذا حتى يومنا هذا.ولا حاجة لي يا نيافة الأنبا أن أنبهك لعدم جدوى كل العهود والعقود والمؤتمرات والندوات والوفود والبعثات التي تعقدها نيافتكم كل عدة شهور مع كاردينالات روما المقيمين هنا أو المبعوثين إليك بين الفينة والأخرى، حتى لو تركوك أنت الذي تخط قانون الإيمان التوفيقي بينك وبينهم، لأن بابا روما ليس بعيداً أبداً عن محافل الماسونية وخططها العدمية، ولعله لا يشرف كنيستك أن تضع أيديها في أيدي كنيسة أخرى تكبرها تاريخاً وعدداً وسلطاناً، ومع ذلك تتنازل لك عن قانون إيمانها الذي لا تدخل الملكوت بغير الإيمان به قولاً وعملاً، في سبيل تحقيق غايات سياسية تمقتها الكنيسة أصلاً وتحرمها، إلا أن يكون كلام الأنبا متى المسكين في نيافتكم صحيحاً، أنكم انشغلتم عن دينكم بدنياكم، وسلطانكم، وترتيب زينة قاعات محاضراتكم، والسيارات والوفود التي ترافقكم في كل منزل تنزلونه، وتحديد من ترسوا عليهم من الأقارب وأهل الثقة عطاءات إقامة الكنائس الجديدة الموسعة، ومئات المنشآت الخدمية وحسابات الكنيسة المتضخمة وأسعار بيع العقارات التي لا صاحب لها، وريع أفدنة الأرض الشاسعة، ولا يفيد كثيراً أن ترد عليه قولته بأنه هو الآخر مشغول بأمور ديره الكبير وزراعاته وصناعاته وحصاد غلاته وتصدير منتجاته، فإن كان هو مخطئاً فلا يليق الخطأ نفسه بنيافتك.وعذراً يا نيافة الأنبا فما كان ذلك مني إلا بعد أن وجدتك تشتمنا جميعاً أهل مصر، وتمعن في إساءتك لنا، ونحن نراك بـ (هيلمانك) ومكانتك الكبيرة تشارك في مسرحيات عيالك من غجر المهجر، ويزيد الصورة قتامة أن تؤدي دوراً ثانوياً في هذه المسرحية، عندما أصدرت بياناً عن حدث كذوب مثل محلات المحمل، بل ولم يكن حري بك أن تتناوله حتى لو كان حقاً، فمثلك كنت يحسب فوق هذه التراهات غير اللائقة بحكوها، فما بالك أن تكون أنت طرفاً فيها وتمارس الحكو بنفسك.عذراً يا نيافة الأنبا، ما كان ذلك مني إلا بعد أن وجدتك تسخر بمصر وحكامها وحاكمها، وتمثل علينا أنك لا تعلم ولا تتابع ولا تبارك، ولا تسمع ولا ترى، وقاحاتهم وبذاءاتهم وسفالاتهم وانحطاطاتهم الصوتية والكتابية على شبكة الـ (إنترنت)، التي تجاوزت كل الحدود وكل الحقوق، دون أن نسمع منك كلمة عما يقوله الرب يسوع مثلث الأقانيم في مثل هذه الخلق الوضيعة، التي كان لها الفضل الكبير علينا، أن ميزت بين خلق الذين تربوا في المساجد عمن تربوا في الكنائس، وميزت بين الذين يقال فيهم أنهم إرهابيون لأنهم يدافعون عن دينهم وأرضهم وعرضهم، وبين الذين يفترون على المحبة ويدعون كذباً أنهم من أهلها. وأسألك يا نيافة الأنبا: أألذي أبلغك بأسطورة محلات المحمل، فهببت نيافتكم كالأسد الهصور تزأر وتهدد وتتوعد، لم يبلغك ولم يسمعك ولم يسامرك ولم يهمس إليك بوضاعة عيالك البلطجية الذين استدرجوك لهذه السقطة، وما يتقيأونه من (وساخات) تعف الأذن الكريمة أن تسمعها، ويعف اللسان التقي أن ينطقها ولو من باب الاستشهاد بها؟عموماً، إن كنت علمت وهو الغالب والحقيقة والمتحقق، فانظر أي الأمكنة يكون قدرك عندنا، وإن كنت لم تعلم فقد أعلمتنا أنت بذلك قدرك.لكن المصيبة الكبرى يا نيافة الأنبا، أنني علمت يقيناً أنك تعلم، وأنك تعرف عيالك أكثر منا، وأن لك فيهم أقوالاً وشهادات، وأنهم غير أسوياء، ومرضى، ومصابون بخلل نفسي، ويحملون في صدورهم خلل قلبي، وأنهم تربوا في بيئات الخلل الاجتماعي، وأنهم خطر على مصر، وأنهم شرذمة ضائعة، وسقط أناسٍ تائهة، فهل يليق بعد كل قولك ذلك فيهم أن تكون واحداً منهم؟لا والله، إننا نربأ بك وأنت رأس كنيستنا المصرية التي تشهد على حقبة من حقبها التاريخية، حتى لو كانت هذه الحقبة كلها دماء ونزف وسفك وقتل من إخوانكم النصارى اليونانيين والرومانيين والبيزنطيين على التوالي، إلا أنها كانت أيضاً ركيزة تاريخية لما كان للمسلمين العرب من فضل ساقه الله لأجدادي نصارى مصر، أن نجاهم الله من القضاء على معتقدهم قضاءاً لم يختلف عليه مؤرخان من مؤرخي المكتبة الكنسية، بأن نفذوا إرادة الله في هؤلاء المحتلين الطغاة الجبابرة الرومان الذين نسبوا أنفسهم إلى المسيح عليه السلام، والمسيح منهم براء حتى يومنا هذا، فهزمهم المسلمون ودحروهم وأعادوا لأجدادي الأقباط حق الحياة.ومن حقك علينا يا نيافة الأنبا شنوده، أن نذكر لك تلك الجرأة وذلك الصدق الذي تكلمت به في يونيو الماضي أمام مؤتمر الحوار بين الأديان الذي عقد بالقاهرة، وجلجلت بصوتك عن عظمة الفتح الإسلامي، وعن عدالة الفاتحين، فأنصفت بذلك الكنيسة المصرية، ورددت بصيصاً من النور الذي غشا الشيطان أعين عيالك عنه، فتوعدونا بنزوحنا عن مصر وإخلائها لنيافتك ولهم، أو الموت الزؤام للمسلمين وأولادهم وأجيالهم من بعدهم، فلا يبق في مصر من أهلها غير الملايين الستة منكم ومن كل طوائف النصرانية التسعون في مصر حتى الرومان منهم، فيستريح وجدان عيالك وتطمئن قلوبهم وتهنأ الرهبان باسترداد حريتها المسلوبة، وتدق أجراس الكنائس ابتهاجاً بمحو كل وجود للمسلمين الغزاة، حتى لو كان المسلمون في الحقيقة، هم مصريون لحماً ودماً وحضارة وتاريخاً، إذ نزلت عليهم لعنة الانتساب لدين الغزاة، فحق عليهم العذاب والخروج كما خرج قوم موسى في قديم الزمان.وأسألك سؤالاً عابراً يا نيافة الأنبا: هل لديك شيء من العلم عمن علم عيالك هذا التاريخ الكذوب؟ وهل لديك مصدراً تربوياً يمكن أن تدلنا عليه هو الذي بث في هؤلاء العيال هذا الكم المتضخم من كراهية النفس وحب الانتقام؟ هل تستطيع فضلاً منك أن تخبرنا بالكنائس التي أرضعتهم ذلك البركان من الغضب؟ أأجد لدى نيافتكم قائمة بأسماء القسس والرهبان والأساقفة الذين علموهم كيف يمارسون تعذيب الذات بحسبه انتقاماً من الآخر؟بالضرورة يا نيافة الأنبا أنهم سمعوا ذلك كله وقرأوه وشربوه ورضعوه مع خمر الفطيرة المقدسة، بعد صلاة بكور يوم أحد، على أيدي أساقفة كبار ومعلمين ومكرزين أنت تعرفهم خير المعرفة، ولو وقفنا على تلك المصادر المرضية، لأمكن بقدر كبير، البحث عن حلول مثلى للعلاج، وليتك تهتم بذلك وتوليه كبير عنايتك، فٌإن نيافتك الأولى والأقدر والمسؤل الأول والأخير لوقف هذه المهزلة التي هيجت الآلاف المؤلفة من الشباب المسلم الهاديء، ليبادل عيالك الكراهية بمثلها، والسخرية العقدية بمثلها، وممارسة حق تحويل النصارى إلى الإسلام كرد فعل على همجية عيالك الذين ما بات عندهم شيء من الحياء في الإساءة لدين الإسلام، والتعدي على الحرمات، وكل ذلك لم يكن للمسلمين به عهد من قبل، فلم نسمع يوماً على مدى التاريخ عن منظمة إسلامية للتبشير بالتوحيد، ولم نعرف شيخاً قاد قافلة للدعوة بين أهل الصليب، ولم ينشغل الأزهر يوماً بمثل هذه الأنشطة برغم أنها من صميم دعوته، وليس في المكتبة الإسلامية كتاب يحض على ممارسة ذلك، لكن المشاهد اليوم على مستوى العالم، أن كل خطوة للتنصير في بلاد المسلمين، يقابلها ألف حالة متحولة من النصرانية إلى الإسلام، وألف حالة ممن كانوا مسلمون بالبطاقة فأصبحوا دعاة توحيد جادين يحاورون النصارى في الصلب والفداء والتثليث كما لو كانوا علماء، وقد يكونون من غير المصلين، إنما هي الغيرة والحمية وثقافة الانتصار، على الآخر الذي جاء معتدياً وهو فاهم بغباء مطبق، أن المسلمين لا يملكون لسانا كلسانه، وحجة أقوى من حجته، ويبقى الواقع والتاريخ شاهدين لكل من له بصر وبصيرة، أن المسلمين أبداً أبداً ما كانوا هم البادئون بالاعتداء. وإلى هنا أكتفي برسالتي الأولى لنيافة الأنبا شنوده التي أتمنى أن يحسن الظن بها، وأن يمحص كل كلمة فيها، وأن يستفيد من صراحتي في كشف العورات والمسالب التي يثار دخانها حول نيافته وحول الكنيسة، لدى شباب المسلمين، بغية الإصلاح والنجاة بمصر من غرر الصبيان، وله عندي رسالة ثانية رقيقة في نهاية المقال.ويلزمني الآن أن أوثق ما ادعيته في السطور السابقة، عن فهم الأنبا شنوده لحال عياله في المهجر وصبيانهم في الداخل، لإلا يظن ظان أنني أسوق الوقائع بلا سند، أما وقائع تاريخ حال أجدادي المصريين يوم فتح الإسلام لمصر، وتوثيق أن عموم المسلمين هم نصارى مصر سابقاً يوم الفتح، إنما ارتضوا الإسلام ديناً ولم ترتضه قلة منهم، بقوا على دين آبائهم، وأن جميع المسلمين هم الأقباط، أما النصارى فيلزمهم التعريف أنهم نصارى أقباط كما يلزم تعريف نصارى سوريا بالسريان، ونصارى أرمينيا بالأرمن، فذلك في مقالات لي أخرى سابقة يمكن الرجوع إليها.وأمامي الآن عدة شهادات، على سوء خلق وأدب وحال غجر المهجر، الذين هم عيال الأنبا شنوده، وتربوا في كنيسته، وبحسب المناهج التي أشرف عليها نيافته، منذ حوالي خمسة وثلاثون عاماً، كأسقف للتعليم في الكنيسة ثم رئيساً للكنيسة مع احتفاظه بالإشراف على التعليم، وليس من باب الطعن، إنما من استقراءات الواقع، أن الذي بين المسلمين والنصارى اليوم، ويشهده جيلنا، إنما بدأ كله مع عهد نيافة الأنبا شنودة.أما الشهادتان فهما:الأولى للكاتب الصحفي رجب البنا، رئيس مجلس إدارة دار المعارف ورئيس تحرير مجلة أكتوبر.الثانية على لسان الأنبا شنودة، في حوار له مع رجب البنا.وأرجيء الشهادات الأخرى لمقال تال بمشيئة الله، وأنبه قبل قراءة هاتين الشهادتين، أن كل ما ورد فيهما من بيان، حقيقة خيانة هؤلاء الغجر لوطنهم، وموافقة الأنبا شنودة على ذلك، لا يمكن أبداً أن يكون مبررًا لصمت نيافته على هذا الباطل الذي تجاوز الآن حدود الوطن، إلى خيانة دين هذا الوطن، والطعن في ثوابته، بأساليب أقل وأكرم ما توصف به أنها قذرة وسافلة ووقحة، وتدل على بيئة تربوية وعقدية وضيعة ومنحطة، المسيحية والمسيحيين منها براء.ولذلك يكون لزاماً على نيافته، إعلاءاً لشأن الكنيسة، وتطهيراً لتاريخها، ألا ينسب إليها مثل هؤلاء الرعاع، وأن يصدر نيافته بياناً يحدد فيه أسماء الأشخاص والجمعيات والمنظمات، وموقف الكنيسة من هذا كله، ومن هؤلاء جميعاً، ويكون استمرار صمت نيافته، هو إقرار منه وقبول وينكشف به ما نظن أنه مستور.وإذا رأى نيافته فيما قالوا ويقولون، أنهم يمارسون حقهم في التعبير عن ذواتهم بحسب قوانين البلاد التي يعيشون فيها، فإن لنا على نيافته واجب ممارسة نفس هذا الحق، للتعبير عنا وعن موقف كنيستنا المصرية، تجاه من يدعون الانتساب إليها، ولا يلتزمون بأخلاقها، بل يقولون ما يقولون ويفعلون ما يفعلون باسم هذه الكنيسة، بحسب قوانين بلادنا، ولن نقبل أقل من ذلك، وهو مطلب رمزي لا يتناسب أبداً مع بشاعة الجريمة.
ــــــــــــ شهادة رجب البنا ـــــــــــــ
في سلسلة حواراته التي أجراها الصحفي رجب البنا مع الأنبا شنودة ونشرها في كتابه (الأقباط في مصر والمهجر)، أنقل خلاصة أكثر من عشرين صفحة (بتصرف يسير)، تتضمن شهادته وشهادة الأنبا شنودة على الترتيب.فيقول رجب البنا: قلت للأنبا شنودة (ص 481) ما من مرة أسافر فيها إلى واشنطن أو نيويورك، إلا وأجد باسمي في الفندق مظروفاً فيه مجموعة من مطبوعات على ورق فاخر تتحدث كلها عن اضطهاد النصارى في مصر، حتى يخيل إلى من يقرؤها أنها تتحدث عن مصر أخرى غير مصر التي نعرفها ونعيش فيها.ويبدو أن وراء هذه المطبوعات منظمة أو منظمات ــ وما أكثرها في أمريكا ــ تجند بعض العناصر الساخطة، والموتورة والمستعدة لبيع أي شيء وكل شيء، بما في ذلك الوطن والكرامة، مقابل بضعة دولارات، أو الكارت الأخضر للإقامة في أمريكا، أو مقابل الحصول على الجنسية الأمريكية التي يضطر بعضهم وهم في عز الشباب إلى الزواج من الأجنبيات فوق الستين للظفر بهذه الجنسية.وقبل أن أستكمل الحوار (ص 481)، _والكلام على لسان رجب البنا] أحرص على أن أقدم للقارئ صورة واضحة عن المؤامرة التي تدار في الخارج، تحت مسمى اضطهاد النصارى في مصر.فلم يكن انعقاد لجنة الاستماع في الكونجرس الأمريكي لبحث موضوع اضطهاد النصارى في مصر، سوى الحلقة قبل الأخيرة في سلسلة طويلة، بدأت خطوة خطوة، وكل خطوة كان وراءها تنظيم ورجال وأعمال مثيرة، أغرب من الخيال.ويبدو أن لعبة الهجوم على مصر، تلقى رواجاً في أمريكا، وتجد أكثر من ممول مستعد للدفع بسخاء.ويبدو أن موضوع اضطهاد النصارى في مصر، هو الباب الملكي لمن يريد أن يحصل على المال والوظيفة والأمان في أمريكا، والتعايش مع المنظمات الصهيونية في أمريكا يفتح كل الأبواب والخزائن.وفي بعض الأحيان يتجمع عشرة أو عشرون مصرياً من هؤلاء في مظاهرة تقف أمام البيت الأبيض، أو أمام فندق تنزل فيه شخصية مصرية مهمة، ويرفعون لافتات عن اضطهاد النصارى في مصر.ومن حين لآخر تنشر صحيفتا (نيويورك تايمز) و (واشنطن بوست) الأمريكيتان، تحقيقاً عن اضطهاد النصارى في مصر، ومعروف صلة هاتين الصحيفتين بالمخابرات المركزية الأمريكية، وفي المناسبات تنشر الصحيفتان إعلاناً مدفوعاً ــ لا أحد يعرف من الذي يدفع تكاليفه الباهظة ــ للتنديد باضطهاد النصارى في مصر .وفي آخر زيارة لي لأمريكا، وصلني تقرير غريب بعنوان (النصارى في مصر: الكنيسة تحت الحصار) باللغة الإنجليزية، أصدرته مؤسسة أمريكية اسمها (ابينر)، وهو اسم مدير هذه المؤسسة التي تمثل المنظمة الدولية للدفاع عن النصرانية.وملخص التقرير؛ أن النصارى في مصر يعانون من اضطهاد القوانين لهم، ومن إجراءات الحكومة المتحيزة ضدهم، ومن الضغط الاجتماعي عليهم، ومن معاداة النصارى في الإعلام.يقول رجب البنا: ومع ما في هذا التقرير من غرابة، كان الأكثر منه غرابة، تقرير آخر تصدره جهة مجهولة في أمريكا، تسمي نفسها (جمعية الدراسات القبطية)، في نيوجرسي، وفيه مقتطفات من مقال نشرته صحيفة (الأوبزرفر) البريطانية، نقلاً عن مراسلتها في القاهرة، في 5 يونيو عام 4991، عن مأساة بنات النصارى في الصعيد، أشبه بقصص ألف ليلة وليلة.حالة شوقي كراس على لسان رجب البنا بداية فإن د. شوقي كراس _قتل في أمريكا بأيدي مجهولة منذ عامين تقريباً وتقول شائعة لا توثيق لها أن الأمر يتعلق بعلاقته مع منظمات أخرى قد تكون على سبيل الكيد ، ليس وحده في أمريكا الذي يقوم بهذا العمل، ولكن هناك غيره، عدد من المصريين منتشرين في الولايات المتحدة، يثيرون صخباً عنيفاً يعطيهم حجماً أكبر من حجمهم، خاصة أن هناك منظمات في أمريكا كل هدفها هو تشويه مصر لأغراض لا تخفى على أحد، ومن يحتمي بهذه المنظمات ويعمل وفق مخططها، يجد عندها الأموال، والوظائف، والمناصب، والأمان، والأمان في أمريكا بالنسبة للغريب المهاجر، عنصر يجعله في أحيان يضحي بكل شيء من أجله، حتى بالشرف والكرامة.فيبدو أن وظيفة د. كراس، الذي ولد وعاش في مصر قبل أن يهاجر إلى أمريكا، هي إثارة كل الهيئات والمنظمات الدولية في مصر، وإصدار نشرات، وتنظيم ندوات للتحريض على مصر وحكومتها وشعبها؛ ووجد مصدر رزقه في الهجوم على مصر، فلم يتردد، ثم استطاع بذكائه الواسع أن يدرك مبكراً أن التجارة الرائجة في السوق الأمريكية، ستكون في إثارة قضية اضطهاد النصارى في مصر، فاستخدم كل علمه وذكائه في هذه التجارة، حتى أصبح من كبار التجار، خاصة وهو يحمل لقب دكتور، مما يضفي عليه سمت العلماء، ويصبغ بضاعته بصبغة علمية، ولما راجت بضاعته أنشأ جماعة أسماها (الهيئة القبطية في المهجر)، وأعلن أن هدفها: (الدفاع عن الشعب والكنيسة في مصر). ومثل هذه الجمعيات، حتى لو كان أعضاؤها عشرة أشخاص، تحظى بمساعدات من هيئات بعضها معروف الهوية، وبعضها غامض وغير معروف الهوية، وتتلقى مساعدات مالية سخية من جهات عديدة؛ أيضاً بعضها معلوم المصدر، وبعضها غير معلوم المصدر.
السفاح: أنور السادات
يقول رجب البنا: لقد كرس د.كراس نفسه لهذا العمل، وعمل لكل خطوة من البداية حتى الآن بنشاط يثير الدهشة، وجعل نفسه زعيماً للمدافعين عن النصارى في مصر، ورافع لواء المعارضة للحكومة المصرية، بعدما تيقن من أن اللعب بورقة حقوق الإنسان تربح كثيراً في أمريكا هذه الأيام، فقال في أمريكا ما لم يقله أحد من قبل، وهذا ما استحق عليه جوائز كثيرة.وكان مما قاله: (نحن ندعو إلى وجود هيئات علمانية للدفاع عن حقوق الأقباط في مصر، وحتى لا تتعرض الكنيسة للهزات مثلما حدث في سنة 1891، بواسطة سفاح الزاوية الحمراء الرئيس أنور السادات
مبارك أكثر شرا سة . !!
عهد الرئيس مبارك يعتبر أكثر شراسة، ففي عهده ارتكبت عدة مذابح، وتم تشريد كثير من النصارى في قرى محافظة أسيوط، وفي الوقت نفسه يقابـَل هذا بصمت غريب من رجال الدين، وحفلات لا يتم فيها إلا بوس الذقون، هذا مما دعا كثيرين إلى ترك الدين النصراني
.وأبادير وعبيد محتقرون
ومما قاله كراس أيضاً: نحن ندعو لتكوين جبهة علمانية، فالشعب النصراني مستعد للتضحية لمواجهة المؤامرة الدينية التي تقوم بتصعيدها الحكومة مع الجماعات الإسلامية لتصفية الشعب النصراني، ولكن يحتاج الشعب النصراني إلى قيادة قوية، فالمسلمون لا يحترمون هؤلاء الضعفاء ذوي المصالح الشخصية، بل يحتقرونهم، أمثال كمال هنري أبادير، وجورج روفائيل، ومنى مكرم عبيد، وفكري مكرم عبيد
.بذاءة لسان ودس رخيص
يقول رجب البنا: هذه عينة من البضاعة التي باعها الدكتور شوقي فلتاؤوس كراس في أمريكا، إنه يبيع الأكاذيب بالجملة، وفى سياق الحديث يحاول أن يبدو مدافعاً عن النصارى، وهو في الحقيقة مادة للمنظمات المعادية والهيئات الممولة والجهات المانحة، لإعلان الحرب على مصر، وناهيك عن التطاول وبذاءة اللسان.ثم يقول د.فلتاؤوس للأمريكيين: “إن شيوخ الأزهر والشيخ الشعراوي هم الذين يتولون حكم مصر” ، وهذه سلعة جديدة، وخدمة إضافية لمن يريد أن يهاجم الدولة في مصر، على أنها قريبة من نظام الحكم الإيراني، حيث يتولى رجال الدين السلطة، وهو بذكائه وعلمه، يعرف جيداً حساسية الرأي العام الأمريكي للوضع في إيران، فتطوع بأن يعطي للمنظمات التي يعمل في خدمتها، سلاحاً جديداً يربط فيه بين الوضع في مصر والوضع في إيران، وهذا أيضاً دس رخيص، وكذب واضح، ودعاية سوداء.ثم يستطرد رجب البنا قائلاً (ص 291): ويصل د. فلتاوؤس إلى عرض أحسن ما لديه من بضاعة يستحق عليها ثمناً غالياً؛ هي طرح فكرة أن عهد الرئيس مبارك أكثر شراسة في اضطهاد الأقباط ، وهذا بالضبط ما تريد أن تروّجه المنظمات التي يتعامل معها الدكتور فلتاؤوس، لأنها تريد فرض حصار سياسي على مصر (الآن) وليس مصر (السادات)، وهذا هو الهدف الذي رُصدت له الأموال، لإصدار المطبوعات وإنشاء الجمعيات والمعاهد ومحطات التليفزيون والإذاعة.
نماذج أخرى من الغجر
2/1 والدكتور فلتاؤوس ليس وحده ــ كما أشرنا من قبل ــ هو فقط مجرد مثل، وهناك أمثاله كثيرون في أمريكا وأوربا _من غجر المهجر] يقدمون الخدمات بالجملة والقطاعي لكل من يريد أن يهاجم مصر سياسياً وإعلامياً، وواحد من هؤلاء في فرنسا، كان وراء برنامج للتليفزيون الفرنسي عن مصر.ظهر فيه الأنبا شنوده يتحدث عن الحريات التي يعيش فيها النصارى والمسلمون كشعب واحد في مصر، وظهر الدكتور ميلاد حنا يتحدث عن معاناة النصارى، وعددهم في المناصب القيادية، والخط الهمايوني الذي يضع قواعد لبناء الكنائس، ثم ظهرت أسرة مسلمة تعيش في مستوى اقتصادي مرتفع ليقول المذيع: هكذا يعيش المسلمون في مصر، ثم ظهرت عائلات وأطفال نصارى في حي الزبالين في حالة قذرة وصاح المذيع: وهكذا يعيش النصارى في مصر.
وواحد ثالث _من الغجر كان وراء تقرير قدمه منذ سنوات (ديفيد ألدون) عضو بمجلس العموم البريطاني، عن وضع النصارى في مصر، وعقد مؤتمراً صحفياً لعرض هذا التقرير، وقال العضو في مؤتمره الصحفي: “شكراً للمجهود الذي بذله بعض النصارى المصريين في لندن”.
وواحد رابع _من الغجر شن هجوماً ضارياً على نصراني مصري معروف هو الدكتور (إدوارد غالي الدهبي) رئيس هيئة قضايا الدولة السابق لأنه ألف كتاباً عن سماحة الإسلام مع غير المسلمين عبر عصور التاريخ. ثم أنشأ د. فلتاؤوس كياناً جديداً أعطاه صفة دولية، ليكتسب هو أيضاً مكانة دولية، ويرتفع قدره في بورصة أمريكا، هو (الاتحاد العالمي للهيئات القبطية) في عام 1994، بين الهيئات القبطية في أمريكا وكندا وأستراليا وأوربا.نماذج أخرى من الغجر 2/2ويواصل رجب البنا شهادته فيقول (ص 194): وليس هذا كل شيء، ففي الجعبة الكثير؛ فقد ظهرت في مصر مراكز للبحث العلمي، تدفع للباحثين مكافآت سخية جداً، وتحدد الموضوعات التي تسعى إلى الحصول على معلومات وبيانات وأرقام عنها، ويشرف عليها أجانب أو مصريون يحملون جنسية أجنبية، وتتلقى هذه المراكز أموالاً من الخارج.ومنذ عدة أعوام حاول مركز _سعد الدين إبراهيم (قطاع خاص) عقد مؤتمر دولي في القاهرة،عن الأقليات في العالم، لكنه أمام الرفض المصري قرر عقده في قبرص، ولم يدرك أحد أن هذه خطوة متقدمة بعد خطوات وجهود الدكتور فلتأووس وأمثاله في أمريكا وأوربا، خطوة لتصعيد الموضوع إلى حد استدعاء التدخل الأجنبي، ممثلاً في الأمم المتحدة، والأمم المتحدة يعنى الولايات المتحدة.
وبعد هذا المؤتمر كتب _غجري خامس الدكتور مجدي سامي زكي، المصري المهاجر في فرنسا والذي أصبح السكرتير العام للاتحاد القبطي الأوربي، يقول: “إن النصارى في مصر أتعس أقلية في العالم، والأمم المتحدة ترعى كل أقلية في العالم ماعدا نصارى مصر، وقد فتشنا في مشارق الأرض ومغاربها – تفتيش أعمى البصر والبصيرة – لنجد شعباً واحداً يتألم؛ كما يتألم شعب النصارى في مصر، فلم نجد، فليس في إمكان النصراني أن يتزوج مسلمة، بل إن وضع النصراني في مصر أتعس من وضع الفلسطيني، تحت الاحتلال الإسرائيلي _الصهيوني، فالفلسطيني في غزة كان في إمكانه رمي الحجارة على الجيش – الصهيوني -، ولم نر نصرانياً يرمي الحجارة على متأسلم، وإذا جرح الفلسطيني إسرائيلياً صهيونياً، قد يحرق الجيش الإسرائيلي الصهيوني بيت هذا الفلسطيني فقط، أما إذا دافع نصراني عن نفسه أمام اعتداء المتأسلمين، فإنه تحرق متاجر ومنازل النصارى الذين لم يشتركوا في هذا الدفاع الشرعي عن النفس.يقول رجب البنا: أكثر من ذلك؛ يقول الدكتور مجدي سامي زكي: “إن اضطهاد النصارى في مصر صادر من الدولة، والحكومة المصرية لم تتحرك لحماية النصارى من الاعتداءات المتكررة الواقعة عليهم”.
ويعلق البنا: هذا ما يقوله مصري مهاجر اسمه الدكتور مجدي سامي زكي يعيش في فرنسا والحديث مليء بكل ما هو مطلوب في الخارج: مصر دولة عنصرية، النصارى أتعس أقلية، لماذا لا يدخل النصارى كليات الأزهر؟، ليس في مصر حرية دينية، اعتداء على حقوق الإنسان، وأخيراً استدعاء للقوى الأجنبية لحماية النصارى، وهذا هو المطلوب، وصلت (البضاعة) كاملة واستحق الثمن!. مهاجر سادس _من الغجر] (ص 791): هو منير بشاي، يسخر من الشعار الذي يحلو للقادة النصارى – وهو الأنبا شنودة – أن يرددوه، وهو: “أنا مسيحي ديناً ومسلم وطناً”.ويتساءل منير مستنكراً: هل بهذا الشعار يعلن هؤلاء السادة قبولهم أن يُحكموا على أساس الشريعة الإسلامية بكل أحكامها وحدودها؟ ومعنى ذلك أنهم يوافقون على أن النصارى مواطنون من الدرجة الثانية، وأنهم أهل ذمة تفرض عليهم الجزية؟!.ثم يطلب منير بشاي من كل نصراني مصري أن تكون النصرانية هي ديانته، والنصرانية هي وطنه أيضاً!.
حتى أنت يا (حنا)
يقول رجب البنا: حتى القس أغسطنيوس حنا، الذي ذهب من مصر إلى هناك – مكلفاً من الأنبا شنودة – ليقدم الوعظ، انشغل هو الآخر بتقديم حالة مصر للبيع، وننزهه طبعاً عن قبض الثمن، لكنه باع بلا ثمن!.مركز دعم القرار الصهيوني أما الهيئة القبطية في أمريكا، فيقول رئيسها _من غجر المهجر – : نحن نحمل فكراً ووسائل اتصال، ورسائل نصدرها لكل أنحاء العالم؛ و هي الآن _الرسائل] المستند الوحيد أمام القضاء الأمريكي للراغبين في الحصول على اللجوء للولايات المتحدة، وجميع المحامين الأمريكان، وفي كل قضية يطالبوننا بهذه المستندات، وأعمال الهيئة عديدة بعضها منشور، والباقي لا يعلن عنه لحساسية الموضوع<!ويتساءل رجب البنا(ص 200): هذه هي أهداف (الهيئة القبطية في أمريكا) كما أعلنتها في مجلتها (الأقباط)، فهل هناك ما هو خفي أكثر مما هو منشور؟ولماذا يدور في الخفاء؟ لا أحد يعرف، ويكفينا أن الهيئة لها أعمال في الخفاء لا تعلن عنها، إذ يقول بيان الهيئة نفسها:”إن لها فروعاً تغطى 50 ولاية أمريكية.وفروعاً في كندا وأستراليا وأوربا.وليس مقرها في جيرسي، إلا المكتب الرئيس للهيئة. وفيه طابقان كاملان لإقامة النصارى القادمين من مصر لأول مرة.وتستقبلهم الهيئة وتمنحهم إقامة مفروشة مجانية إلى حين الحصول على عمل، وهذا العمل عمل فرعي من أعمال الهيئة وليس أساس عملها.وتقوم الهيئة بإصدار نشرات دورية وآلاف من أعداد المجلة وتوزعها على جميع أنحاء العالم، ويتكلف ذلك آلاف الدولارات (الحقيقة أن مثل هذا العمل يتكلف ملايين) وكذلك تعبئة المجلة في ظروف وإرسالها إلى مكتب البوستة للتصدير، لا تتعجب إن قلت لك إنه يكلف آلاف أيضاً (تكاليف العمالة فقط)، فلم يحدث أن تبرع أحد هؤلاء العاملين لمساعدتنا مجاناً< (انتهي بيان الهيئة).
المعاني المذهلة للخيانة
يقول رجب البنا: “هذه هي حقيقة (الهيئة القبطية في أمريكا) كما تكشفها الهيئة نفسها؛ واقرأوا السطور السابقة مرة أخرى من فضلكم كلمة كلمة، فإن وراء الكلمات معاني مذهلة!”، ويستطرد (ص 201) قائلاً:ونأتي إلى الموضوع الأصلى: نصارى المهجر، هل كل النصارى المصريين في الخارج يقولون هذا الكلام؟!.هل كلهم يحاربون بلدهم؟ ويقدمون المستندات التي يؤلفونها إلى المحاكم لإدانة مصر؟ ويتصلون بجهات وحكومات أجنبية؟ ويضعون أنفسهم في خدمة مخطط لحصار سياسي على مصر في ظرف دقيق لا يجهله أحد في الداخل أو الخارج؟!.هل كل نصارى المهجر يسعون إلى استعداء الدول والحكومات والشعوب الأجنبية على مصر وحكامها وشعبها؟.وهل كل نصارى المهجر في هذه الهيئة التي تملك 50 فرعاً في أمريكا فقط وتستضيف كل من يهجر مصر إلى أمريكا؟ تتلقفه وتنفق عليه وتوفر له المأوى والطعام مقابل تجنيده والقيام بعملية غسيل مخ، ليتحول من مجرد مهاجر جاء إلى أمريكا بحثاً عن فرصة أفضل للحياة إلى جندي يحارب بلده وضد شعبه.أسئلة محيرة لا أستطيع الإجابة عنها، وكان الأنبا شنوده ــ كعادته ــ كريماً وواسع الصدر، وأنا أضع أمامه حيرتي، وكان أيضاً صريحاً جداً في إجابته.
ـــــــــــــ شهادة الأنبا شنودة ـــــــــــــ
ثم نأتي الآن إلى شهادة الأنبا شنودة، رأس الكنيسة المصرية التي يتاجر باسمها الغجر ويجمعون الدولارات ويعقدون مع المحافل الصهيونية والماسونية؛ المؤتمرات والصفقات، فيقول رجب البنا:طالت الجلسة مع الأنبا شنودة لأكثر من خمس ساعات، وبقلب مفتوح أكد على مجموعة محاور في حديثه (ص 202):الأول: أن بعض نصارى المهجر، يتناولون شئون النصارى بالمبالغة الشديدة ويتصورون أن المبالغة تعكس الحماس والمحبة لمصر وأهلها، وربما يحرك البعض شعور بالذنب، لأنه ترك أهله وذهب بعيداً حيث الثراء والزوجة الأجنبية والجنسية الأجنبية، ويسعى باللاشعور إلى تعويض هذا الشعور بالذنب، بالمبالغة في إظهار الولاء والحرص على شئون النصارى في مصر.ثانياً: أن بعض نصارى المهجر يـُحمّـِلون الحكومة مسئولية الإرهاب.ثالثاً: إنني أرفض تماماً فكرة إدخال الأجانب في شئوننا الداخلية، تحت أي ادعاء وبأي حجة.رابعاً: إن بعض نصارى المهجر ينشرون كلاماً لا نوافق عليه، ونرى أنه يضر ولا ينفع، وهم يفعلون ذلك دون استشارة الكنيسة أو الرجوع إليها، وهناك تنظيمات في أمريكا وأوربا تعمل خارج الكنيسة، ولا صلة لها بالكنائس.خامساً: إن بعض نصارى المهجر يهاجمون الكنيسة، وعلى سبيل المثال، دخل بعض النصارى في منازعات قضائية مع الكنيسة المصرية، لأن البابا أصدر قراراً بنقل راعي كنيسة، ورأوا هم أن تعيين ونقل الكهنة والقسس من اختصاصهم وليس من اختصاص سلطات الكنيسة المصرية، كما هو متبع في قانون الكنائس الأمريكية.ولذلك أنا أريد في هذا الحديث أن أوضح عبارة (نصارى المهجر) التي يطلقها البعض وكأنها تعبر عن كتلة واحدة بينها تجانس واتفاق. ثم بدأ الأنبا شنودة الإدلاء بشهادته (ص 204) فقال:إنهم يتحدثون عن (تهميش الوضع النصراني) كلما قرأوا في الصحف حركة ترقيات وتعيينات، وعدّوا أسماء النصارى وأسماء المسلمين. ولكن هذا لا يعكس القضية. النصارى تاريخياً لا يهاجمون الحكومة، والذين يعارضون إنما يكون من موقف سياسي كمصريين، وليس من موقف عقدي ديني كنصراني.كلام حول المصطلح ثم قال الأنبا شنودة (ص 210): نصارى المهجر مئات آلاف، منتشرون في كل منطقة، وكل حيّ، وكل ولاية، وليسوا مركزين في منطقة واحدة.وبالتالي فليس لهم وجود جماعي حتى نتحدث عنهم جملة واحدة، ولا نستطيع أن نقول: إنه يمكن أن يكون لهم رأي واحد، أو أن هناك فرداً واحداً أو أفراداً؛يمكن أن يعبروا عنهم جميعاً.فهناك فرق بين أن نقول: بعض أفراد في المهجر يقولون أو يفعلون كذا، وبين أن نقول: “إن نصارى المهجر عامة كما لو كانوا جميعاً كتلة واحدة”.وهذا تعبير غير سليم بالنسبة لأي جمع بشري، فما بالك بمجموعة من الناس؛ مهاجرين في أزمان مختلفة، ويعيشون في أماكن متفرقة.ولكل واحد ظروفه الخاصة التي هاجر فيها، بعضهم هاجر راضياً، وبعضهم هاجر ساخطاً، والسخط نفسه له أسباب كثيرة، ربما لأنه فشل في عمل، أو في زواج، أو في علاقاته مع المجتمع، أو داخل أسرته.الغجر لم يعودوا مصريين ثم استطرد الأنبا شنودة بعد لحظة صمت قصيرة (210): لا ننكر أنه توجد بعض مشاكل، ونريد حل المشاكل على المستوى الداخلي في بلدنا، ولا نقبل إطلاقاً أن تحل هذه المشاكل عن طريق جهة خارجية …لكننا نرفض أن تكون المشاكل الداخلية وسيلة للضغط على الحكومة أو إحراجها، أو أن يتحدث البعض في الخارج عن إحراج مصر اقتصادياً من جهة المعونات.والذين يتدخلون في هذه الأمور، هم أشخاص حصلوا على هوية أخرى غير الهوية المصرية، وما عادوا يحرصون على هويتهم الأصلية … وبهذا يكون عنصر الانتماء بالنسبة لهم موضع تساؤل؛ سواء الانتماء الكنسي أو الانتماء الوطني.ولا نقبل أن يكون البعض في الخارج قوامين على الكنيسة، أو يكون لهم حق الادعاء بأنهم يعرفون صالحها أكثر مما تعرف هي.وليت هؤلاء يأتون إلى مصر، وينشرون أفكارهم هذه علانية، بدلاً من أن يتكلموا في الخارج، وماذا يمنعهم من أن يأتوا إلينا ويقولوا ما لديهم كما يشاءون؟ لكن المشكلة أن بعضهم يبحث عن بطولة زائفة! _هكذا وصفهم].
الغجر مرضى وموتورون
ويواصل البنا حواره مع الأنبا شنودة فيسأله (ص 234): هل يرضيك ما يفعله بعض النصارى المهاجرين من إثارة الرأي العام في أمريكا وأوربا وتشويه صورة مصر؟!فيجيب نيافته: لا، لا يرضيني هذا أبداً، وكل من يسيء إلى مصر ليس منا، وأنت تعرف؛ إن بعض النصارى المهاجرين خرجوا بمشاكل شخصية، بعضهم لم يجد عملاً كغيرهم، ولكنهم لم يحتملوا وهربوا، وبعضهم وجد مضايقات في العمل أو الأسرة مما يلاقيه غيرهم، ولكنهم لم يحتملوا، فعامل عدم الرضا يرافقهم منذ غادروا مصر، وبعضهم الآخر قضى في الغربة سنوات طويلة ولم يعد يعرف حقائق ما يجرى في مصر، ولذلك يصدّق أي شائعات تصل إليه، ويقرأ عن حادثة وقعت فتؤثر فيه بأكبر من حجمها الحقيقي، وبعضهم أيضاً خارج على سلطة الكنيسة ومتمرد، يفهم الحرية في الغرب على أنها تحرر من كل شىء، لذلك يجب ألا نعطى لهذه القلة حجماً أكبر من حجمها.قلت _رجب البنا للأنبا شنودة: ولكن الإعلام الأمريكي يأخذ كلام هؤلاء المرضى والموتورين والمخدوعين على أنه حقيقة، ويتحدث عن اضطهاد النصارى في مصر؟!أجاب الأنبا شنودة: هذا هو الخطأ، الإعلام الغربي (يريد جنازة ويشبع فيها لطماً) … إن الدعايات المسمومة تسعى إلى تشويه الحقيقة وتستغل استغلالاً سيئاً بعض أحداث العنف التي تقع ويكون ضحيتها نصارى ومسلمين من المدنيين ورجال الشرطة، أقول ذلك بوضوح، ومع ذلك أجد التعتيم الإعلامي الغربي على هذه الحقيقة، ومن حقنا أن نشكو الإعلام الغربي ونطالبه بالحياد، وبالموضوعية، وبالإنصاف. _وتلك هي شهادة الأنبا شنودة].وآخراً وليس أخيراً:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ رسالة خاصة جداً ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى نيافة الأنبا شنودهإلى نيافة الأنبا شنودة ……………………………….. رئيس الكنيسة المصرية وزعيمه
ابداية أرجو أن تتقبلوا مني هذه الرسالة، والتي شجعني علي كتابتها؛ ما قرأته كثيراً في حواراتكم، عن مكانة مصر في قلوبكم، ولولا ذلك ما خطتها أصابعي.فإنني أهيب بكم، لعلمي بقدركم ومكانتكم في نفوس شعب الكنيسة، أن تؤدون الدور المنوط بكم تجاه هذه الفئة التي تناولتم بأنفسكم تحليل شخصيتها، ومكونات عقلها، فأنتم أدرى الناس بأبنائكم.ولا يعيب الأب أن يكون بعض أبنائه من العصاة، أو غير المطيعين، ولكن الذي نأمله من نيافتكم أن تكونوا أكثر إيجابية، وأكثر حسماً، لأنكم وحدكم بعد الله، القادرون على إسكات هذه الزمرة الهائجة من نصارى المهجر ومن يتعاونون معهم داخل البلاد، ممن تعرفونهم إسماً إسماً.
وأنتم أيضاً الذين تستطيعون أن توقفوهم عند حدود التزام اللياقة وأدب الخطاب وضوابط الحوار، واحترام حقوق الوطن وأهله.فإن لم يرتدعوا، فأنتم وحدكم الذي يعرف كيف يكون ردعهم، لأنه ليس مقبولاً أن تستمر هذه المهزلة الأخلاقية التي تمس كرامة الوطن وهيبة حكامه.وإن استمرار الصمت من طرفكم، وغض الطرف عن هذه التجاوزات، لا بد له من نهاية، خاصة والجميع يعرف كل المعرفة، أنك تملك من السلطان والسلطات عليهم، ما تكفي معه إشارة منكم، ولكم في ذلك أكثر من سابقة.ولعل خير شاهد على هذا السلطان أيضاً، ما كان منكم من شدة وصرامة وعقوبات نفذتها نيافتكم على كل من سولت له نفسه أن يعارض قراركم بعدم زيارة كنيسة القيامة في فلسطين المحتلة، إلا مع شركاء التاريخ والأرض في مصر.
فإذا كان هذا هو موقفكم تجاه أرض فلسطين، فإن الموقف تجاه مصر وحاكمها وحكومتها وشعبها، يكون واضحاً قدره وأهميته، لا يحتاج منا أن نـُذكـِّر نيافتكم به، وأنتم المشهود لكم بالفراسة والحنكة.ومن غير اللائق على الإطلاق، أن نسكت على استعدائهم لأعداء الأمة علينا، واستنفار أمريكا أو غيرها لمواجهة عسكرية أو اقتصادية أو سياسية أو دينية مع شعبنا، كما إنه من العيب ـ مهما بلغ اختلافنا مع قيادتنا السياسية ـ في أن يواجه رئيس الجمهورية في كل زيارة له إلى أمريكا أو أوربا، صبيانية هذه الفئة التي وصفتها نيافتكم بالموتورة حيناً، وبالمرضى حيناً آخر، ثم ـ وهو الأهم ـ إنه من غير المقبول أن نسلم بادعاء البعض أنهم خارج طوعك، أو أن سلطانهم فوق سلطانكم، أو أنكم لا تملكون منعهم من ممارسة حريتهم في إيذاء الوطن.فإن كانوا كذلك؛ وأنه لا سلطان لكم عليهم، وأنهم براء من تبعيتكم ورعايتكم، فليكن ذلك منكم إعلاناً صريحاً وواضحاً، براءة منهم، وهذا مالا نقبله، وما لا نحبه، لكن حب الوطن أغلى كثيراً من أن نترك تاريخه وحضارته وحاضره تعبث بهم أيدي من لا يحترمون قدره، ويقدسون عقيدته، وينتمون إلى شعبه.
وأعرف إنه لا يرضيكم مني إصدار هذا المقال، وإني أحترم هذا الشعور جيداً، لكنني أستسمحكم القول صراحة، أنني لم أجرؤ على ذلك، إلا لأنني شعرت أنكم رضيتم بكل ما فعله هؤلاء، وبكل ما قالوه، في الإسلام والمسلمين ومصر والسادات ومبارك والشيخ الشعراوي وشيخ الأزهر (مما تعففت أنا عن ذكره)، والجيش والشرطة والنيابة والقضاء، ناهيكم عما قيل في كل أهل مصر من المسلمين، عواماً وخواصاً.إنني أكرر على نيافتكم، أن مصر أغلى وأعز من أن تهان باسم الكنيسة المصرية، داخل مصر أو خارجها، ولو أنك فعلت معهم عُشر مِعشار ما فعلته مع القسس الذين خرجوا عن طوعكم، لارتدعوا وكفوا أذاهم عن الوطن الذي اتخذوا من شتمه وسبه والتآمر ضده تجارة وربحاً.ولكننا على يقين بأن نيافتكم لن تتخلى أبداً عن أداء الواجب الذي تمليه عليكم المسؤولية التي تتحملونها تجاه مصر وحكومتها وشعبها، وأنك أبداً لن تبيع ـ معاذ الله ـ سبعين مليوناً من المصريين، بقلة شطت عن الصواب، وتدنست أيديها بأموال وطعام وشراب الصهاينة با عترافهم، وتثير الفتن بين الأهلين.وتعلمون نيافتكم أن الحق واحد لا يتجزأ، والباطل أيضاً واحد وإن تعددت صورة، وأنت الذي قلت كثيراً؛ أن المخطيء لا يجب أن يترك دون عقاب، غير أننا لا نطمع منك الآن إلا أن يكفوا عنا أذاهم، وألا يهان ديننا ووطننا وحكامنا وشعبنا ليل نهار كما ترى وتسمع، وليعلموا أننا نملك أقلاماً أحدّ من أقلامهم، لكننا نرفض أن نظل في صراعات لا طائل منها، في عالم ينشد كله السلام.راجياً ألا تتأخر استجابتكم، وأشكر لنيافتكم من الآن، قبول مقالي، الذي سوف أرسله بمشيئة الله على بريدكم الإلكتروني، ومقر مجلتكم (الكرازة).وبالله التوفيق.
مع وافر احترامي وتقديري